فصل: قال ابن المثنى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} [فصلت: 53] وهذا كقوله: {وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (22)} [الذاريات] حيث جمع بين الأنواع الثلاثة كذلك هنا. اهـ.
وهو جميل كما ترى، غير أنّ للباحث أن يقول: ظاهر كلام الفخر أنّ القسم بمواقع النجوم لإثبات القدرة والاختيار لفاعل مختار، لكن الآية تقول: {إِنَّهُ لقرآن كَرِيمٌ (77)} وظاهر ذلك أنّ المراد إثباته هو هذا الذي سيق مساق المقسم عليه، فمن أين إثبات القدرة والفاعل المختار في القسم بمواقع النجوم؟
وفي النفس من كلام الفخر روعة، ومن آثارها أن نقول: إنّ هذا استدلال على القدرة والفعل من طريق القسم على القرآن وكرمه وصونه، وأنّه تنزيل من رب العالمين بمواقع النجوم من طريق أبلغ، وكأنّه بعد أن سيقت الدلائل السابقة، والتي كان ختامها القسم بمواقع النجوم، وذكرت في القرآن كأنه قيل: اذكروا هذه الدلائل، وتعرّفوا نتائجها، واذكروا معها مواقع النجوم، وتعرّفوا نتيجة الاستدلال بها، تعلموا أنّ القرآن- الذي جاء بهذا- كريم، وأنّه مصون، وأنّه تنزيل من رب العالمين.
وقبل أن نختم الموضوع نقول: إنّ قوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (80)} توكيد لما قبله، وتقرير له. وكما أنّه لازم لكونه قرآنا كريما بهذا في كتاب مكنون، فهو ملزوم له، فهو دليل وهو مدلول، وكفى هذا خاتمة للموضوع. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة الواقعة:
و{إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (1)} {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ}(53/ 57) وهي القيامة والساعة.. و{ليْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ}.
(2- 3) مجازها في الكلام الأول، ولو كانت في الكلام الثاني لنصبت قوله إذا وقعت الواقعة خافضة رافعة والعرب إذا كرروا الأخبار وأعادوها أخرجوها من النصب إلى الرفع فرفعوا، وفى آية أخرى.
{كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [70/ 15 – 17] رفعت وقطعت من النصب إلى الرفع كأنك تخبر عنها، قال الراجز:
من يك ذا بتّ فهذا بتّى ** مقيّظ مصيّف مشتّى

من ثلّة من نعجات ستّ.
{إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} (4) اضطربت والسهم يرتجّ في الغرض..
{وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا} (5) مجازها كمجاز السّويق المبسوس أي المبلول والعجين قال لصّ من غطفان وأراد أن يخبز فخاف أن يعجل عن الخبز فبلّ الدقيق فأكله عجينا وقال:
لا تخبزا خبزا وبسّا بسّا

{فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا} (6) الهباء الغبار الذي تراه في الشمس من الكوّة منبثّا منثورا متفرقا والهبوة من الغبار والعجاج يرى في الظل..
{أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ} (9) أصحاب الميسرة ويقال لليد اليسرى: الشؤمي ويقال: أهو الجانب الأشمى الأيسر سمّيت اليمنى لأنها عن يمين الكعبة والشام أنها عن شمال الكعبة..
{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} (13) تجىء جماعة وأمة وتجىء بقيّة..
{عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} (15) بعضها على بعض مداخلة كما توضن كحلق الدرع بعضها في بعض مضاعفة وقال الأعشى:
ومن نسج داؤد موضونة ** تساق مع الحىّ عيرا فعيرا

والوضين البطلان من السيور إذا نسج نساجة بعضه على بعض مضاعفا كالحلق حلق الدرع فهو وضين وضع في موضع موضون كما يقولون: قتيل في موضع مقتول، قال:
إليك تعدو قلقا وضينها ** معترضا في بطنها جنينها

مخالفا دين النصارى دينها وهى ليس لها دين، هو دينه وهو قول رجل في الجاهلية، وقال ابن عمر في الإسلام..
{وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ} (17) من الخلد أي لا يهرمون يبقون على حالهم لا يتغيرون ولا يكبرون..
{بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ} (18) واحدها كوب وهو الذي لا خرطوم له من الأباريق واسع الرأس..
{وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} (18) شراب من معين والمعين الماء الطاهر..
{لا يُصَدَّعُونَ عَنْها} (19) من الصّداع في الرأس..
{وَلا يُنْزِفُونَ} (18) لا يسكرون قال الأبيرد:
لعمرى لئن أنزفتم أو صحوتم ** لبئس النّدامى كنتم آل أبجرا

وقوم يجعلون المنزف مثل المنزوف الذي قد نزف دمه..
{وَلَحْمِ طَيْرٍ} (21) جماعة طائر وقد يجوز أن يكون واحدا..
{لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا} (25) مجازه مجاز {أكلت خبزا ولبنا} واللبن لا يوكل فجاز إذا كان معها شيء يوكل، والتأثيم لا يسمع إنما يسمع اللغو.
{إِلَّا قِيلًا} (26) نصب {يَسْمَعُونَ} {سَلامًا سَلامًا} (26) نصبت على المصدر..
{سِدْرٍ مَخْضُودٍ} (28) لا شوك فيه..
{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} (29) زعم المفسرون أنه الموز وأما العرب الطلح عندهم شجر عظيم كثير الشوك، وقال الحادي:
بشّرها دليلها وقالا ** غدا ترين الطّلح والحبالا

{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} (30) ولا تنسجه الشمس، دائم يقال: للدهر الممدود والعيش إذا كان لا ينقطع قال لبيد:
غلب العزاء وكنت غير مغلّب ** دهر طويل دائم ممدود

{وَماءٍ مَسْكُوبٍ} (31) مصبوب سائل..
{وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} (32/ 33) جرها على الجر الأول و(لا) لا تعمل إنما هي لمعنى الموالاة تتبع الأول..
{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} (34) مجازها طويلة، يقال: بناء مرفوع، أي طويل.
{إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً} (35) أعاد إلى النساء إلى حور العين..
{عُرُبًا} (37) واحدها عروب وهى الحسنة التبعّل قال لبيد:
وفى الحدوج عروب غير فاحشة ** ريّا الروادف يعشى دونها البصر

{وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} (43) من شدة سواده يقال: أسود يحموم..
{لا بارِدٍ} (44) جرّه على الأول..
{مُتْرَفِينَ} (45) متكبّرين..
{وَكانُوا يُصِرُّونَ} (46) المصرّ المقيم على الإثم..
{أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ} (48) الواو متحركة لأنها ليست بواو وإنما {وآباؤنا الأولون} فدخلت عليها ألف الاستفهام فتركت مفتوحة.
و {الْهِيمِ} (55) واحدها أهيم وهو الذي لا يروى من رمل كان أو بعير..
{فلولا تُصَدِّقُونَ} (57) فهلا تصدقون..
{أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ} (58) من المنى.
{أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} (59)..
{وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ} (61) نبدّلكم عما تعلمون من أنفسكم..
{حُطامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (65) الحطام الهشيم والرّفات والرّخام واحد ومتاع الدنيا حطام.
{إِنَّا لَمُغْرَمُونَ}(66) معذبون قال بشر بن أبى خازم:
ويوم النّسار ويوم الجفار ** كانا عذابا وكانا غراما

{الْمُزْنِ} (69) السّحاب واحدها مزنة..
{أُجاجًا} (70) أشدّ الملوحة..
{النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} (71) تستخرجون، من أوريت وأكثر ما يقال: وريت وأهل نجد يقولون ذلك..
{مَتاعًا لِلْمُقْوِينَ} (73) المقوي الذي لا زاد معه ولا مال وكذلك الدار التي قد أقوت من أهلها. وموضع آخر المقوي الكثير المال، يقال: أكثر من مال فلان فإنه مقو..
{فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ} (75) فأقسم بمواقع النجوم ومواقعها مساقطها ومغايبها..
{أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ} (81) واحدها مدهن وهو المداهن..
{غَيْرَ مَدِينِينَ} (86) غير مجزييّن، دنته، كما تدين تدان، والعبد مدين، قال الأخطل:
ربت وربا في كرمها ابن مدينة ** يظلّ على مسحاته يتركّل

ابن مدينة ابن أمة.
{فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ} (89) فحياة وبقاء ورزق وروح أي برد..
{لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} (95) مضافا إلى اليقين وقد يكون صفة له، كقولك:
صلاة الأولى وصلاة العصر. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها الواقعة:

.[سورة الواقعة: آية 2].

{لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (2)}.
قوله تعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ} [2] وهذه استعارة. والمراد أنها إذا وقعت لم ترجع عن وقوعها، ولم تعدل عن طريقها، كما يقولون: قد صدق فلان الحملة ولم يكذب. أي ولم يرجع على عقبه، ويقف عن وجهة عزمه جبنا وضعفا، أو وجلا وخوفا.
وكاذبة هاهنا مصدر، كقولك: عافاه اللّه عافية، فيكون كذب كذبا وكاذبة. وتلخيص المعنى: ليس لوقعتها كذب ولا خلف. وقيل أيضا: ليس لها قضية كاذبة، لإخبار اللّه سبحانه بها، وقيام الدلائل عليها، فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه..
وذلك في كلامهم أظهر من أن يتعاطى بيانه.
وقيل أيضا: ليس لها نفس كاذبة في الخبر عنها، والإعلام بوقوعها.
والمعنيان واحد. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة الواقعة:
والواقعة من أسماء شتى ليوم القيامة، مثل الحاقة والقارعة والساعة، ومعالم هذه السورة واضحة، فهى تبدأ بحديث وجيز عن انتهاء العالم وبدء الحساب، ثم تذكر صنوف الناس بعد البعث.. وهم أصحاب السبق البعيد، وأهل اليمين وأهل الشمال. وتسوق بعد ذلك خمسة أدلة على أن البعث حق، وأن إنكاره خبال. وتختم بوصف لرحيل البشر عن هذه الدنيا بالموت، وبوادر تصنيف الأقسام الثلاثة، السابقين وأهل اليمين وأهل اليسار. إن كثيرا من الناس تحت مشاغل العيش ووطأة الشهوات وممكرة الحاضر لا يحسون إلا وجودهم المادي الغريب. يقول أحدهم وهو ذاهل: ما أظن الساعة قائمة! ويقول الآخر: إن هي إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر!! وقد يحلفون على هذا المجون، ويؤكدون ألا حياة بعد الموت {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} وترى ميت الغد يشيع ميت اليوم، وهو يحدث صاحبه فيما يراوده من أمل، ويخامره من طمع غير مستفيد من موكب الموت عبرة! وتمضى القرون وتطوى الجماهير، والمنكرون يزيدون ولا ينقصون، وللكفر صوت عال في المشارق والمغارب. وبغتة تقوم الساعة، ويخرس صوت الإلحاد، ويتبدد صداه {إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة}. إن الإنسان بطبعه مجادل، عنيد ولكن ما عساه يقول وقد وقع الهول؟ لقد جفت حلوق الأفاكين، فما يقدرون على لغو! {خافضة رافعة} هناك رؤساء وملوك سيبعثون سوقة وصعاليك لأنهم ما أعدوا لهذا اليوم عدة!! وهناك أخفياء مغمورون سيكونون يوم القيامة قمما! ورب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة إنه يوم تصحيح الأوضاع، وفناء الزور وجلاء الحق! ومن المفسرين من يرى الخفض والرفع في سطح هذه الأرض، كما جاء في الحديث: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي، ليس فيها معلم لأحد». الكل حفاة عراة قيام لرب العالمين {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا}. وكلا التفسيرين يكمل الآخر، ليس بينهما تدافع، فهناك زلزال اجتماعي يهدم ما شاء الناس من أباطيل ووضعوا من أنساب وألقاب. وهناك زلزال مادي بدأ وصفه في قوله تعالى: {إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا}. مع قيام الساعة تهيج زلازل تهد كل شيء، وتتحول بها الصخور الصلدة إلى ذر كتلك الكائنات الدقيقة التي نراها تسبح في الشعاع! {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار}. ولسنا ندرى كم نبقى هنا قبل أن تتبدل الأرض؟ عشرات ومئات من القرون؟ إن تحديد الرقعة الزمانية غير مهم، المهم هو استتابة الحصاد الأخير لهذا التاريخ الطويل. وقد بين الله سبحانه أن أبناء آدم سيتوزعون على ثلاث زمر {وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم}. ذكرت سورة الواقعة أدلة على أن البعث حق، فذكرت خمسة أدلة متنوعة من آفاق الكون، وتجارب الناس!! الأول {نحن خلقناكم فلولا تصدقون}. لماذا يتهم صاحب الخلق الأول بالعجز عن الخلق الثاني؟ إنني عندما أنشى درسا أتعب فيه، فإذا أعدته كان على سهلا! وتنزلا مع هذا الفكر يقول الله في آية أخرى {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}. وليس عند الله سهل وصعب وهين وأهون، ولذلك أتبع هذا التنزل بقوله: {وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}. وقد تكرر هذا الدليل في سور كثيرة، وهو بديهي لا يرده إلا مكابر بليد {وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة}. والقرآن الكريم يلح في طلب النظر. واستقصاء الفكر في هذا الوجود لمعرفة البدء والعودة! إننا موجودون يقينا فكيف وجدنا؟ والمتأمل في النشأة الآخرة، يرى استبعادها حماقة! {أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون}. وقد لخصت هذه المعاني كلها في آية قصيرة {نحن خلقناكم فلولا تصدقون}. الدليل الثاني: إن الذي خلق العالم لأول مرة لم يبذل فيه جهده ويستنفد قدرته! إنه كل يوم، بل كل ساعة، بل في كل طرفة عين يتجدد خلقه! ويبدو ذلك في تخلق البشر، واستقبال ذريات جديدة باستمرار.. ويتقرر هذا الدليل في قوله تعالى: {أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون}. والمنى سائل عجيب! فهذا الماء المهين- في منطق القادر الأعلى- تحمل الدفقة الواحدة منه مائتي مليون حيوان منوي. هذا الحيوان الذي لا يرى لضآلته يحمل في كيانه كل خصائص النوع الإنساني المادية والمعنوية. ذلك معروف من قديم. ففي قصة الملاعنة التي وردت بسورة النور يقول الرسول الكريم في المرأة الحامل المتهمة: «إن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين، فهو لشريك بن سحماء الذي رميت به..!». انظر كيف انتقلت الصفات الجسدية من الأب للابن عن طريق الحيوانات المنوية، وكما تنتقل هذه الصفات العقلية والخلقية! هل في الخصيتين مصانع عالمية تديرها عصابة من العباقرة تصنع ذلك؟ لا شيء هنالك. إن هذه الغدد تأخذ مادتها من الدم، والدم يجيء من الغذاء،